طالب نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، بتوضيح المسار الذي تسير فيه تونس، وعبر عن رفضه تهميش الدور الوطني والاجتماعي لاتحاد الشغل، مشدداً على استقلالية العمل النقابي، ومؤكداً أن التونسيين «يريدون توضيح الرؤية، واستعادة الثقة والاطمئنان على مستقبلهم في ظل الوضع الضبابي، الذي تعيشه البلاد»، حتى تتجنب البلاد خطر مواجهة «انفجار اجتماعي وشيك».
وقال الطبوبي إن الوضع الذي وصلت إليه البلاد «يمثل أزمة غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي والمالي، ولذلك أصبحنا اليوم نخشى على الشعب التونسي من تداعيات قرارات 25 يوليو (تموز)»، منبهاً في خطاب ألقاه أمس أمام تجمع عمالي ضخم، بمناسبة إحياء الذكرى 69 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، إلى جملة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تتهدد تونس، في ظل عدم استقرار سياسي تجاوزت مدته أربعة أشهر، دون التأكد من مآلات قرارات 25 يوليو، وتاريخ انتهاء التدابير الاستثنائية، والعودة إلى المسار الديمقراطي الطبيعي بمؤسساته الدستورية المختلفة.
وأضاف الطبوبي أن تونس «تعيش حالة عطالة»، مشيراً إلى مظاهر العصيان التي بدأت تهدد بانفجار اجتماعي غير محدود العواقب. وتابع موضحاً: «نحتاج إلى رؤية، وبرنامج يقوم على الكفاءة الوطنية لا على الولاءات، ولا إلى المنوال التنموي الحالي مع الاستجابة للاستحقاقات الاجتماعية».
ويرى مراقبون أن الخطاب النقابي حمل عدة رسائل موجهة في المقام الأول إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، ومن أهمها تجاوز الوضع السياسي الضبابي في تونس، وبدء برنامج الإصلاحات السياسية التي يعتزم الرئيس إنجازها عبر آلية الاستفتاء، بعد أن باتت قاب قوسين من الصياغة والتنزيل، وهو ما يجعل هامش «اتحاد الشغل» للتحرك ضيقاً، إذا ما أراد تغيير مآلات الوضع، «ومنع ذهاب البلاد نحو المجهول»، وفق تصريحات عدد من القيادات النقابية.
وكان الطبوبي قد اجتمع مع زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب»، وتطرق اللقاء إلى ضرورة وضع سقف زمني لإجراءات 25 يوليو، والتصدي لما اعتبراه «انحراف هذه الإجراءات إلى غير ما عبر عنه الشعب التونسي». كما بحثا سبل توحيد المواقف من الأزمتين الاقتصادية والسياسية، واقتراح حلول للخروج منهما.
وقال المغزاوي إن حركة الشعب «ستستمر في تنسيق المواقف وتنظيم اللقاءات مع القوى الوطنية، ومن بينها اتحاد الشغل الذي سيكون معه لقاء آخر الأسبوع المقبل، من أجل توحيد أكثر للمواقف بخصوص إجراءات 25 يوليو، التي دعمها الحزب منذ البداية، وأصبح محترزاً منها حالياً، خصوصاً بعد ما لاحظه من تباطؤ في المضي قدماً في الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتأخر في فتح ملفات الفساد».
وتعد «حركة الشعب» آخر الأحزاب، التي باتت تنتقد صراحة انفراد الرئيس سعيد بالرأي والقرار السياسي، وذلك بعد فترة من التأييد القوي لتفعيل الفصل 80 من الدستور التونسي.
ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي أن هدف مختلف هذه التحركات هو الضغط على مؤسسة الرئاسة لفتح باب الحوار مع كل القوى الوطنية، بهدف تجاوز الفترة الاستثنائية، والعودة سريعاً إلى تنظيم انتخابات ديمقراطية في البلاد.
في غضون ذلك، دعا ماريو دراغي، رئيس الوزراء الإيطالي، السلطات التونسية، إلى تحديد مسار سياسي واضح، وقال أثناء مخاطبته مؤتمر «حوارات المتوسط» المنعقد في العاصمة الإيطالية روما، إنه على ثقة من أن تونس ستتغلب على حالة الطوارئ الحالية، ومواجهة الأزمة الملحة الاقتصادية والاجتماعية، لكنه دعاها في المقابل إلى ضرورة تحديد «مسار سياسي واضح ومتوافق عليه، يمكن أن يعيد عمل المؤسسات، بدءاً من البرلمان بعد تشكيل الحكومة الجديدة»، التي تقودها نجلاء بودن.
قد يهمك أيضا
تونس تؤكد جهودها للتوصل لحل توافقي لتقاسم مياه النيل بين مصر والسودان وإثيوبيا