أحدث المواضيع

1/13/22

بري ـ جنبلاط: “أبغض الحلال”.. مع وقف التنفيذ؟


بري ـ جنبلاط: “أبغض الحلال”.. مع وقف التنفيذ؟

بقلم خلود شحادة

يشهد الواقع السياسي اللبناني تقلبات حادة في هذه المرحلة، بين تفكك تحالف وتأرجح آخر.
علاقة متأزّمة بين تيار “المستقبل” وحزب “القوات اللبناني”.
تقلبات نافرة في علاقة “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله”.
علامات استفهام تُرسم حول العلاقة التي تجمع رئيس مجلس النواب ورئيس حركة “أمل” نبيه بري برئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط.. فهل من طلاق؟ أم هو عتب “تحت السقف” بين “الصديقين”؟

رغم التقلبات التي تشهدها العلاقات بين الساسة في لبنان، فالعلاقة بين بري وجنبلاط ثابتة منذ بدأت في أواسط الحرب الأهلية اللبنانية وحتى اليوم، باستثناء ما حصل بينهما في حقبة “حرب العلمين”. بعد أن جمعتهما “مواجهة الخيار الاسرائيلي” عبر انتفاضة السادس من شباط 1984.
تكمن أهمية هذه العلاقة، في خضوعها لتقبّل الاختلافات الجوهرية بين الرجلين المحسوبين على محورين مختلفين، في الرؤية الاستراتيجية لدور المقاومة في الداخل اللبناني، بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أي محوري 8 و14 آذار. بالإضافة الى العلاقة “الثابتة” التي تجمع “أمل” بـ “حزب الله” وعلاقة الأخير السيئة بـ “الاشتراكي”.

ورغم هذا الاختلاف، فقد حرص الزعيمان القويان داخل الطائفتين الشيعية والدرزية، على استمرار التواصل بينهما واحترام خصوصية كل منهما. بقي جنبلاط متمسكاً بخيار بري كرئيس لمجلس النواب، واستمر بري في التصدي لمحاولات إلغاء جنبلاط على الصعيدين الدرزي والوطني.

رغم التناغم الذي التقيا عليه في التعامل مع “العهد القوي”، الا أنّ الشارع اللبناني فرض حسابات جديدة.
جريمة الطيونة التي وقع ضحيتها سبعة شهداء، فرضت معادلات مغايرة. “أمل” و”حزب الله” حمّلا مسؤولية دماء الشهداء والجرحى لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع شخصياً.
كذلك دان جنبلاط “استهداف المدنيين”، مشدداً على ضمان “حق التظاهر”، وداعياً الى اعتماد لغة العقل والحوار بعيداً عن لغة الرصاص والحروب.
لكن، وبعد أيام، أعلن وليد جنبلاط أنه سيتحالف مع “القوات اللبنانية” في الانتخابات النيابية المقبلة، وهو ما استفز جمهور نبيه برّي تحديداً، على اعتبار أن تحالف جنبلاط مع جعجع لا يراعي ما أصاب جمهور حركة “أمل” من جروح عميقة في الطيونة.

هل يؤدي هذا القرار الى طلاق بين بري وجنبلاط؟

تؤكد أوساط حركة “أمل” أنّ لا قطيعة مع الاشتراكي، لافتة الى أنه في الأصل، “أمل” و”الاشتراكي” حزبان منفصلان، وكل منهما له خصوصياته ومبادئه المختلفة عن الآخر.
وتشير الأوساط إلى أن “الودّ” الذي يجمع الرئيس بري بجنبلاط، ينفصل كلياً عن ملف التحالفات في الانتخابات النيابية.
كذلك جنبلاط، “المرغم” على التحالف مع “القوات” في الشوف في سياق “المصلحة الانتخابية” لا أكثر، لا يريد قطع شعرة معاوية مع بري. تؤكد أوساطه أن العلاقة مع حركة “أمل” راسخة وثابتة، وأن موقف جنبلاط من جريمة الطيونة كان واضحاً.

وتشير الأوساط الاشتراكية الى أن التعاون الانتخابي مع القوى السياسية الأخرى يرتبط بظروف المعركة الانتخابية، لافتة إلى أن العلاقة مع “أمل” لم تتأثر سابقاً بتحالفات “الاشتراكي” مع “القوات”، وكذلك هو الحال في الانتخابات المقبلة.
ويبدو واضحاً أن صيغة التحالفات عند “الاشتراكي”، ستكون شبيهة بالتي كانت عليه عام 2018.
لكن ما لم تأت أوساط “الاشتراكي” على ذكره، أنه في انتخابات 2018، لم تسبقها جريمة الطيونة، وأن حسابات بري آنذاك تجاه “القوات”، قد تختلف عن اليوم.

مع ذلك، فإن ما بين بري وجنبلاط، هو أكبر من تحالف انتخابي موضعي، يحتاجه جنبلاط في الشوف وعاليه، وقد يتفّهمه بري، على الرغم من خسارته المؤلمة في الطيونة، خصوصاً أن موقف جنبلاط من جريمة الطيونة كان واضحاً في إدانة مرتكبيها.
لذلك، فإن “البرودة” السائدة على طريق المختارة ـ المصيلح البعيدة جغرافياً، قد تدفئها المسافة القريبة جداً بين كليمنصو وعين التينة. وبالتالي، فإن علاقة الرجلين قد تشهد في الأيام المقبلة ما قد يعيد إليها بعض الحرارة، لأن الطرفين ينظرون إلى “الطلاق” على أنه “أبغض الحلال”.. أقلّه حتى اليوم