أحدث المواضيع

1/13/22

فرنجية ـ باسيل: خطّان متوازيان لا يلتقيان.. إلا في الضاحية


فرنجية ـ باسيل: خطّان متوازيان لا يلتقيان.. إلا في الضاحية

/ خلود شحادة /

لم تنجح المحاولة التي بذلها “حزب الله” لمصالحة “التيار الوطني الحر” وتيار المردة”، وذلك على الرغم من الجهود التي بذلتها قيادة الحزب، والتي قادها نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم شخصياً.

في الواقع، فإن أكثر من أربع سنوات من القطيعة، بين التيارين المسيحيين، كافية لرفع الجدار بينها ولينبت العشب على جانبيه.

وفي الوقائع، أن المسافة بين التيارين صارت بعيدة، وأن تعداد عناوين الاحتلاف بينهما لا يتوقّف، وأن لكل منهما خريطة طريقه، وأجندته السياسية، وحساباته، وسلوكه، وعلاقاته، وتطلعاته، وخصومه، وتحالفاته…

بل إن مسار كل من التيارين في السنوات الأربع الماضية، تحوّل إلى خطّين متوازيين لا يلتقيان… إلا في تقاطعات نادرة مع الضاحية الجنوبية!

حسابات التيارين متباعدة، أما الكيمياء بين جبران باسيل وسليمان فرنجية فينتج عنها تنافر وتناحر وتناقض وكراهية و…

لم يعد ممكناً جمع جبران باسيل وسليمان فرنجية.. إلا في “ظرف قاهر”، أو “قوة الأمر الواقع”، أو بناء على “فرمان” سياسي يفرض على الرجلين الجلوس مع بعضهما.. ولو للصورة!

كل هذه الوقائع، كانت تتراكم على مدى أكثر من أربع سنوات من الخصومة.

غرّد جبران باسيل وحده في الاستئثار بالحكم، مستفيداً من قوة موقع رئيس الجمهورية ميشال عون، وعاملاً على محاولة إلغاء الآخرين، أو بالحد الأدنى إضعافهم، وإبعادهم عن “خيرات” السلطة، وإقصاءهم عن “طاولة القرار”، وتقليم أظافرهم في الإدارة، وقصّ أجنحتهم في الدولة، وإضعاف موقعهم في السياسة… ولا بأس في أن يوجّه سهامه بين الحين والآخر إلى الضاحية الجنوبية، مستخدماً “تلّة” بعبدا!

وغرّد سليمان فرنجية، في التكتيك، بعيداً عن “الخط” الذي لطالما التزم به، والذي كان يقدم التنازلات الكثيرة لصالح الخيار السياسي الذي يجلس في عرينه. صاغ فرنجية تحالفاً مع تيار “المستقبل” بعد تراكم الودّ بينه وبين الرئيس سعد الحريري. وصالح “العدو” التاريخي، سمير جعجع، وتناغم مع “القوات اللبنانية” في بعض المحطات. وانفتح على وليد جنبلاط. وصار أقرب إلى عين التينة من حارة حريك ـ وإن بتشجيع من “حزب الله”…

الرجلان يخوضان ماراتون الرئاسة إلى قصر بعبدا، كما كثير من قيادات الموارنة…

لكن، وقبل أن يخسرا معاً هذا السباق، وحتى لا يخسر معهما “الخط” السياسي، دقّ نفير الانتخابات النيابية، وصار لزاماً ضبط إيقاع الخلاف بين التيارين المسيحيين، لأن استمرار تصادمهما يؤدي إلى إضعافهما معاً، وإلى تقديم ربح مجاني لخصميهما السياسي سمير جعجع…

اتّخذ “حزب الله” القرار القيام بمبادرة للمصالحة بينهما. على الرغم من الألم الذي تشعر به بيئة الحزب من سهام جبران باسيل.

بعيداً عن الإعلام، حصل أكثر من لقاء مع جبران باسيل، ومصارحة، وعتاب شديد، على قاعدة “وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ”.

مآخذ الحزب على باسيل أنه استهدف الحزب بمواقفه التي لن يستطيع استثمارها، لا في السياسة ولا في العلاقات مع الخارج، ولا في الشارع المسيحي. النتيجة الوحيدة لهذا الاستهداف هي تحريض الشارع المسيحي ضد “حزب الله”، وزيادة التوتير الطائفي والمذهبي، وهو ما يخدم سمير جعجع فقط.

حصلت أكثر من جلسة نقاش مع باسيل، وصولاً إلى اقناعه بأنه سيحصد الضرر نتيجة مواقفه، وسيلحق هذا الضرر بالفريق السياسي بكامله.

في الجلسة مع سليمان فرنجية، كان أكثر مرونة في تفهّم مبادرة الحزب، لكنه قدّم عريضة اتهام طويلة ضد باسيل، وعتباً على الحزب بسبب غض النظر عن “ارتكاباته” وسلوكه.

وفي لقاء جمع نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مع النائب طوني فرنجية، استكملت المساعي للمصالحة بين “المردة” و”التيار الوطني الحر”، وعلى قاعدة طي الصفحة وفتح صفحة جديدة.

لكن فرنجية قدّم مطالعة حول “سلوك باسيل”، وذكّر الحزب أن حركة “أمل” كذلك غير قادرة على التفاهم مع “التيار الوطني الحر”، وأن الرئيس نبيه بري هو رأس الحربة ضد باسيل لأنه أكثر من يعلم كيف يتصرّف باسيل.

انتهى لقاء الشيخ قاسم مع فرنجية من دوون نتيجة. لكن “حزب الله” لا يبدو أنه استسلم، وسيخوض محاولات متكررة لترتيب الأوراق بين حلفائه، وقد يتدخّل الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، شخصياً، لإجراء مصالحة بين باسيل وفرنجية، تترجم قاعدة “عدم التصادم” انتخابياً، إذا لم يكن هناك إمكانية للتنسيق الانتخابي.